مناسبات كثيرة تقرع فيها أجراس دير سيدة جبل الكرمل وتدعو الناس الى الكنيسة. قديماً كانت تقرع الأجراس بطرق مختلفة حسب كما كان يراد منها. ففي حال خطر داهم كانت الأجراس تقرع بطريقة سريعة ومستمرة. أما للحزن، أو عند وفاة أحد كانت تقرع برنين متقطع وبشكل متواصل. أما في مناسبات الأفراح والأعياد كانت تقرع الأجراس بقوة، وكانت تقرع جميعها في وقت واحد. كان للطقس العاصف رنين خاص به إيماناً منهم بأن الأجراس تبعد مخاطر العواصف عن الأماكن السكنيّة. بالإضافة الى مناسبات كثيرة كانت تقرع فيه الأجراس بطرق مختلفة. حافظ الأجداد على قرع الأجراس لقرون طويلة حيث كانت تقرع ثلاث مرات قبل بدء القداس الألهي، يفصل بينها خمسة عشرة دقيقة. بدأت هذه العادات تفقد قيمتها شيئا فشيئاً في كثير من القرى وبالأخص المدن الكبرى. هذا الأمر ما يزال قائماً في المدن حيث الأكثرية السكانية من المسليمن، أذ تدعو مآذن الجوامع المؤمنين الى الصلاة. تعتبر قبة كاتدرائية أشبيلية الشهيرة، بأجراسها التي تدعو المؤمنين الى الصلاة، أنها كانت تشكل قسماً من مئذنة جامع إبان الحكم الأموي في الأندلس.
يحتوي دير وكاتدرائية مريم العذراء على جبل الكرمل أربعة أبراج للأجراس. ألجرسية الأولى هي هدية من مجلس المستشارين العام للرهبانية الكرملية في روما، أما الجرسية الثانية فهي تقدمة من دير الراهبات الكرمليات المحصنات في مدينة ليزيو الفرنسية. قدّم الجرسية الثالثة دير الراهبان الكرمليات المحصنات في مدينة حيفا. نقرأ في يوميات دير سيدة جبل الكرمل: “نكتب ونؤرّخ في يومياتنا حدث فريد من نوعه، حيث سمعت صوت الأجراس للمرة الأولى في الأراضي المقدسة، من أبراج جرسية دير سيدة الكرمل على جبل الكرمل”. شيّدت هذه الأبراج سنة 1936 قبيل إنعقاد المجمع العام للرهبانية الكرملية الذي انعقد في دير مريم العذراء على جبل الكرمل.
صعدت هذا الصباح لمراجعة اللوحة التي وضعت على الجرسيّة الرابعة فوجدت الكتابة التالية: “فرديناندو الثاني – صقليا” أي أنها هدية من ملك صقليا فرديناند الثاني. يذكر الأب فلورنسيو في كتابه تاريج جبل الكرمل “إن الأجراس التي قرعت للمرة الأولى في فلسطين، بعد رحيل الصلبيين الأراضي المقدسة، هي أجراس دير سيدة جبل الكرمل، إذ كانت يمنع قرع الأجراس قبل سنة 1835. في ذلك الوقت كان برج الكنيسة يحتوى على جرسين وضع الأكبر في القسم الأعلى من الجرسية. صنعت هذه الأجراس على يد السيد “بسكوال دانيزي” من مدينة نابولي الأيطالية سنة 1837 في مصنع “الفندق الملكي دي بولفري – نابولي”. أما ألأجراس الثلاث الأخرى صنعت على يد السيد “ب. ماريللي وأبنائه في مدينة “أنيوني – كامبو باسو” في إيطاليا. إشتهرت مدينة “أنيوني” بوجود شركة ماريللي لسبك المعادن وبالأخص سبك أجراس الكنائس. تأسست هذه الشركة سنة 1040 ونالت شهرة عالمية لجودة سبكها للمعادن وأجراس الكنائس. وفيما بعد تحوّل اسم الشركة الى “شركة ماريللي الحبرية لسبك المعادن” ووضعت شارة الكرسي الرسولي على أجراسها منذ سنة 1924.
سنة 1837 قرعت أجراس الدير حزناً بعد وفاة الرئيس العام للرهبانية الكرملية الأب هونوريوس للقديسة تريزيا، الذي كان أخذ على عاتقه إكمال بناء كاتدرائية العذراء على جبل الكرمل. ولكن ما يهمنا من هذا الأمر أن هذه الأجراس كانت موجودة منذ ذلك الحين في هذا الدير على جبل الكرمل، وما زالت حتى يومنا هذا تصدح أصواتها لدعوة المؤمنين الى الصلاة في الأعياد والمناسبات السعيدة للرهبانية الكرملية.
الأب اوسكار أ. أبارسيو أهيدو كرملي حافي